الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية منصف بن مراد يكتب: لا اعترف بأيمّة يدعون الى الجهاد والخراب والـموت

نشر في  28 أكتوبر 2015  (10:53)

لقد بدأت المصيبة الكبرى تبرز في بلادنا خاصة منذ أربع سنوات بعد أن ارتبط الدين بالسياسة وبالانتخابات وبالمصالح الحزبية وببرامج الحركة الاخوانيّة وبالتمويلين الوهابي والقطري وبالمخطّط الأمريكي التركي والاسرائيلي وبالمصالح الفردية.. لقد شاهدنا محاولة لـ«زرع» دين جديد واستمعنا «لمبشّرين» جدد يدعون إلى السّحل وقطع الأيدي والصلب وقتل الباجي قايد السبسي وتعنيف الاعلاميين والمثقّفين والنساء المناضلات.. كما أمروا باختراق الإدارات والجيش والأمن واستغلّوا وجودهم في السلطة لاستقدام «دعاة» اتهموا بناتنا بالعهر والتونسيين بالكفر،  وفضلا عن ذلك فقد ادعى «فيلسوفهم» ومنظّرهم أبو يعرب انّ السياحة دعارة مقنّعة! كما شاهدنا ناشئة في بعض رياض الأطفال ينشدون أسامة بن لادن ويحملون رشاشات وسكاكين من خشب، وأمّا شبابهم فهم يحرقون أضرحة الأولياء ويدخلون السلاح الى أراضينا ويتسامحون مع الارهابيين ويساهمون في انتشار اسلام دموي عنيف مرتبط بالمصالح الأجنبية.. وهناك آخرون يرسلون الشباب للجهاد وفتياتنا  ـ وتحت غطاء جهاد النّكاح ـ للدعارة في سوريا وغيرها من البلدان العربيّة التي تشهد معارك طاحنة قررتها اسرائيل وأمريكا وتركيا وقطر!

وفي الأيام الأخيرة استمعت لمسؤولين من النهضة يدافعون عن أيمّة متشدّدين من بينهم «إمام» جامع اللخمي بصفاقس معتبرين انه «معتدل»!، وهنا أقولها ـ وبكل صراحة ـ  لحركة النهضة: اذا كان هذا الشخص رمز اعتدال الاسلام بالنسبة اليكم فقد أدركنا ماذا تريدون من هذه البلاد ومن شعبها.. إنّكم تريدون دينا مسيّسا وعنيفا وأبواقا لحزبكم وأيمّة يخدمون الظلامية والعنف السياسي! هذا ليس بديني ولا بدين الأغلبية السّاحقة من التونسيين! لكم دينكم ولي اسلام الزيتونة وهو ديني!
ان زج الحركات الدينية بالدين في السياسة ومصالح حكومات ومنظّمات أجنبية وضخّ أموال طائلة من أجل تغيير هويّتنا التونسيّة التي ظلت تنحت على امتداد قرون وقرون هما جريمة! كل هذا ساهم في تذكية التطرّف والعنف والارهاب واخضاع شعبنا لمشروع لا علاقة له بالدين الحنيف بل بأجندات فرضت من الخارج دفاعا عن مصالح بعيدة كل البعد عن مصالح شعبنا.. فلماذا يدافع بعض مسؤولي حزب النهضة عن «الأيمة» المتشدّدين ويدعون الى إقالة وزير الشؤون الدينية الأستاذ عثمان بطّيخ؟ الأمر واضح! ثم من نصب اشخاصا أيمة واعتبرهم «مشايخ» في حين انهم ليسوا كذلك حتى لو كانت لهم لحية وجبة وبرنس! والفرنسيون يقولون في مثلهم الشائع «الزي لا يصنع الرّاهب».. ولماذا تسمح لهم وسائل الاعلام بتبليغ موقفهم المتشدّد بعد ان بعثوا «نقابة» تابعة لاسماعيل السحباني الذي ترفض الحكومة واتحاد الشغل التعامل معه ومع نقاباته! نقابة للأيمّة المتشدّدين؟ قد يكون مووضع مسرحيّة ممتازة!

في بلادنا، أصبح كل من له لحية ويحفظ آيات معدودات من القرآن الكريم له حماية حزبية من الداخل وأخرى من الخارج.. وفي حقيقة الأمر فهم ليسوا بأيمّة وليسوا بشيوخ لكن الاعلام الجاهل هو من ينعتهم بالشيوخ علما انّ الشيخ هو بحر علم واعتدال و داعية الى الدين دون اكراه، ولا علاقة له بالأحزاب السياسيّة ولا مصالح له مع اي حكومة أجنبية ولا يحرّض على القتال في البلدان الأجنبيّة ولا يفتن بين أهل السنّة والشيعة ولا يدير اية «جمعية خيرية» ممولة من الخارج بالمليارات ولا يرسل بالشباب المغسول الدّماغ للموت، علما انّ «الأيمة» الذين يدفعون بشبابنا الى الفناء في سوريا عبر تركيا، كان أحرى بهم أن يرسلوهم لتحرير فلسطين! أسألهم لماذا يتجنّبون مواجهة الاحتلال الاسرائيلي؟

عندما أقارن المشايخ الذين أحترمهم واقبل ايديهم بـ«المشايخ» الحاليين والمولودين مع حكومة الترويكا فكأنّي أقارن جامع الزيتونة المعمور بشموخه وهيبته بمنزل مهجور متداع للسّقوط. هذا النوع من «الأيمّة» لا أعترف به!
وفي النهاية وللتذكير فانّ أبي شيخ الاسلام سي محمد صالح بن مراد كان أصدر مجلة من ماله الخاصّ اسمها «شمس الاسلام» سخّرها للدّفاع عن إسلام يهتمّ بالرّوحانيات وبمعركة التحرير..وقد كتب والدي في دوريّته هذه انّ «الاسلام لا يستعمل السيف للاقناع مذكرا بأنّ ديننا الحنيف ليس له سيف يهدي أو ينبو في كفّ صاحبه وانّما سيفه من نور، وبه يقع الجهاد الحقيقي».. وذكّر بما جاء في سورة الأنبياء حيث يقول اللّه تعالى «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق». فالاسلام اقناع ورحمة ومحبة وعمل وعبادة! والجدير بالملاحظة انّ الاسلام الزيتوني المعتدل كان مدرسة تنير العالم ولا يخضع لأيّ ضغوطات،  أو تأثيرات  أو تمويل خارجي أو أهداف حزبية!  وللتذكير أيضا شجع الوالد الكريم شيخ الاسلام ابنته بشيرة على تأسيس أوّل منظّمة نسائيّة سنة 1936.. فأين نحن وأين هم؟